تــداعـيــــــات آلام الركـبــــة وتدابيرها العلاجية
آلام الركبة تجعل من الصعب على المرء الذي يعاني منها، أن يجلس جلسة القعود أو جلسة القرفصاء، كما يصعب عليه النزول على السلالم، أو حتى الجلوس طويلا لمشاهدة أحد الأفلام السينمائية.
وكما هو معروف فإن التمارين الرياضية تقدم مزايا صحية عامة، إلا أن تلك التمارين قد تؤدي إلى إحداث جهد على العضلات والمفاصل. ولذا فإن الرياضة المعتدلة هي أنسب شيء للانسان.
وآلام الركبة وعظم الفخذ Patellofemoral pain، أي الآلام التي تحدث في رضفة الركبة(patella) وفي عظام الفخذ (femur) هي واحدة من أكثر المشكلات شيوعا في الطب الرياضي، ويتعرض لها النساء بمرتين أكثر من الرجال.
وقد تحدث هذه الآلام للرياضيين المداومين، وكذا للمبتدئين الجدد منهم، أو للأشخاص الكبار في السن، المعانين جزئيا من التهاب المفصل العظمي osteoarthritis. ومن حسن الحظ، فإن بالإمكان عمل الكثير لدرء حدوث الآلام أو تخفيفها عند حدوثها.
أسباب آلام الركبة
هناك أسباب مختلفة لآلام الركبة، فعندما تثني ركبتك فإن الرضفة تنزلق في أخدود يقع ضمن النهاية السفلى لعظام الفخذ، وكل أمر يؤدي إلى إجهاد تلك الوصلة الجسدية يقود إلى ظهور الاحتكاك، أو يقود إلى توجيه حركة رضفة الركبة توجيها خاطئا، مما قد يتسبب في حدوث آلام الركبة. وفيما يلي أهم الأسباب الشائعة لآلام الركبة:
إجهاد الركبة:
تعتبر العضلات الرباعية الرؤوس (عضلات الفخذ الأمامية) quadriceps muscles المواقع الرئيسية لامتصاص أي صدمات يتعرض لها مفصل الركبة. وإن لم تكن تلك العضلات قوية بما فيه الكفاية لمجابهة الجهد الذي يقوم به الإنسان، فإن الركبة ستتعرض للألم. ويمكن أن يظهر ذلك عند حدوث الإجهاد لمرة واحدة، مثل لعب عدة جولات من كرة المضرب (التنس) بعد انقطاع عن ممارستها، أو حدوث إجهاد مزمن.
ولأن آلام الركبة وعظم الفخذ تشيع لدى الأشخاص الذين يركضون مسافات طويلة كل أسبوع، خصوصا على المرتفعات (الانحدار من التلال يضع جهدا مضاعفا من وزن الجسم على المفصل)، فإنها تسمى أيضا باسم ""ركبة العدائين"". وتكون العضلات الرباعية الرؤوس للنساء أضعف مما لدى الرجال، ولذا فإنهن يتعرضن لخطر أكبر في الإصابة بآلام الركبة وعظام الفخذ.
وفي دراسة نشرت عام 2009 على مجموعات من الشباب المنخرطين في الأكاديمية البحرية الأمريكية، ظهر أن الذين لديهم عضلات رباعية الرؤوس ضعيفة يكونون أكثر بخمس مرات عرضة لظهور آلام الركبة وعظام الفخذ، خلال فترة تمتد بين 6 و30 شهرا، مقارنة بالأشخاص الذين يملكون عضلات فخذ أمامية قوية.
التهاب الأوتار:
التهاب أوتار الرضفة Patellar tendinitis : ترتبط الرضفة بأوتار مع الظنبوب، أي عظام الساق الأكبر tibia، وعندما لا تكون العضلات في هيئتها الجيدة المطلوبة، فإن آلام الركبة قد تنجم عن حدوث تخرش في أوتار الرضفة، وخصوصا عند ممارسة الرياضة المصاحبة للقفز، مثل كرة السلة أو الرياضة التي تصاحب التوقف مرارا، وتغيير اتجاه الحركة (مثل كرة المضرب).
ويحدث التهاب أوتار الرضفة، على الأكثر، عندما تكون أوتار باطن الركبة، أو عضلات مقدمة الساق، مشدودة جدا، وعند اللعب على أرضية قاسية، أو عند البدء في العمل بقوة أكثر من السابق. كما يمكن أن يتخرش الوتر بسبب وجود أنسجة الندوب التي تحدث بعد إجراء العمليات الجراحية لإصلاح غضاريف الركبة، خصوصا إذا استخدم جزء من وتر في العملية.
عيوب في الركبة يعني عيباً في انزلاق الرضفة maltracking : إن أي أمر يؤدي إلى زيادة الاحتكاك عند موضع تلاقي الرضفة مع الأخدود في عظام الفخذ، يمكن أن يؤدي إلى ظهور الآلام. وهذا ما يمكنه أن يحدث على الأكثر عندما تكون الرضفة مائلة إلى إحدى جهات الأخدود، نتيجة انعدام التوازن بين قوة العضلات، أو بسبب الضعف النسبي للأنسجة الرابطة لأحد جانبي المفصل. ويؤدي هذا الجهد غير المتناظر بالتدريج إلى إلحاق الضرر بالمفصل نفسه.
ويحدث هذا العيب في الركبة، على الأكثر، عندما يكون الأخدود في عظام الفخذ سطحيا وغير عميق، أو أن تكون هيئة الرضفة غير اعتيادية، أو أن العضلات الرباعية الرؤوس ضعيفة، أو أن الورك أو عظم الحوض له موضع سيئ، أو لوجود قدم مسطحة. ولدى النساء في العادة ورك أوسع من الرجال، ولذا فإن عظام الفخذ تنزل من الورك بزاوية أكثر حدة، الأمر الذي يزيد من الشد الخارجي على رضفة الركبة.
التهاب المفاصل والصدمات:
التهاب المفاصل في الركبة patellofemoral arthritis : غالبا ما يعاني كبار السن من آلام الركبة وعظام الفخذ، بسبب التغيرات التي يحدثها التهاب المفاصل في الركبة، وهو الالتهاب الناجم عن عيوب في الرضفة، أو بسبب البلى والتمزق مع مرور الزمن.
الصدمات trauma : الصدمات الرياضية، أو الأخرى الناتجة عن حوادث تصادم السيارات، تؤدي إلى إحداث ضرر في الغضروف الواقع في مؤخرة الركبة. ويطلق على الآلام الناتجة منها غالبا اسم ""آلام مفصل الركبة"" chondromalacia.
التشخيص الآم الركبة بشكل صحيح
عند مراجعة الطبيب فإنه سيسأل عن الأعراض والأنشطة البدنية، ثم يقوم بفحص الحالة. وسيفحص أولا قوة ومرونة عضلات الرجل، والمدى الذي يمكن فيه ثني الركبة، ثم يفحص الأوتار والآلام فيها، ويقيّم شدة الآلام وحركية الركبة في مختلف وضعياتها. وقد يطلب التقاط صورة بأشعة ""إكس"" لرؤية اصطفاف تراكيب بنية الركبة والكشف عن عيوبها، إن وجدت، مثل نتوءات العظام أو الشظايا المتخلخلة فيها، التي يمكنها تفسير الآلام.
كما ستخضع القدمان والوركان أيضا للفحص. فالورك المصاب بالتهاب المفاصل، أو عظام الحوض الاصطناعي السيئ في عمله قد يسببان أحيانا شعورا بالألم في الركبة. كما سيطلب الطبيب من الشخص المريض المشي والقفز، ويدقق في مدى تقوس القدمين، وفي توزيع الوزن في الجسم.
علاج آلام الركبة
رغم أن علاج آلام الركبة وعظام الفخذ قد يستمر شهورا، وتشهد تغيرات ملموسة في الأنشطة المعتادة، فإنه يمكن أن يؤدي إلى تخفيفها، بتوظيف الخطوات التحفظية التي تشمل:
التمارين: التمارين الرياضية الخالية من الألم تعتبر حجر الزاوية في العلاج. ووفقا لنتائج دراسة مراقبة عشوائية نشرت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009 في المجلة الطبية البريطانية، فإن العلاج بالتمارين التي تكون تحت إشراف المختصين - بالمقارنة مع الخلود البسيط إلى الراحة، والامتناع عن ممارسة الأنشطة التي تؤدي إلى حدوث الألم - قاد إلى خفض شدة الألم، وإلى تحسين الوظائف فورا، ثم بعد سنة من ممارستها.
أما بخصوص الأشخاص المعانين من التهاب المفصل العظمي؛ فإن تعزيز قوة العضلات الرباعية الرؤوس سيخفض من آلام الركبة، ويقي من فقدان الغضروف في الجزء الخارجي من مفصل الركبة مع فخذ الساق.
ويمكن للطبيب اقتراح برنامج التمارين المطلوبة بعد تقييم الحالة الشخصية.
نشاط من دون ألم: في فترة النقاهة يجب الامتناع عن أي نشاط مسبب للألم؛ فإن كنت تركض، فعليك تجنب التلال أو الركض لمسافات أقصر، أو يجب عليك البحث عن تمارين آيروبيك بديلة. ووجوب تجنب الرياضة الشاقة، وتجنب الجلوس جلسة القرفصاء، والانحناء، وارتداء الكعب العالي، والنزول على السلالم. وتجنب الجلوس مع ثني الركبة إلا لفترات قصيرة. فإبقاء الرجل ممدودة أو منثنية قليلا يقلل من الضغط على الركبة.
أدوية تخفيف الألم: الأدوية المضادة للالتهابات غير الإسترويدية مثل «إيبوبروفين» ibuprofen «موترين» Motrin، وغيره، أو ""صوديوم النابروكسين"" naproxen sodium""أليف"" Aleve، وغيره، بمقدورها تخفيف الألم مباشرة، إلا أن فائدتها تقل على المدى الطويل. كما يفيد وضع كمادات من الثلج، خصوصا بعد الانتهاء من النشاطات.
اللصق والتحزيم: لمنع انزلاق الركبة من موقعها، يمكن للمشرف الصحي شدها بشريط، أو التوصية بوضع نطاق لتحزيمها.
الاهتمام بالقدمين: الحذاء المناسب يوفر وسادة ودعما للقدمين لكي يتحركا بشكل صحيح، وقد تحتاج إلى وضع دعامة لتقوس القدم.
جراحة الركبة
تتحسن حالة 90 في المائة من المعانين من آلام الركبة وعظم الفخذ، من دون جراحة، ولذا فلن يقوم جراح تجبير العظام بعملية جراحية إلا إذا لم يستفد المريض من اتباع عمليات النقاهة الواعية لتخفيف الألم على مدى سنة متواصلة. بل، وحتى حينذاك، فإن بإمكانه التوصية بإجراء الجراحة إن كانت هناك مشكلة تشريحية يجب معالجتها، مثل ميلان الرضفة، أو تضرر الغضروف، أو عدم اصطفاف تراكيب بنية الركبة.
تمارين تخفيف آلام الركبة
المهم في التمارين هو التركيز على تقوية متانة ومرونة الأنسجة المحيطة بالركبة، وعلى وجه الخصوص العضلات الرباعية الرؤوس التي ترتبط مباشرة بحركة الركبة، لأنها تكون ضعيفة في الغالب. كما يجب الاهتمام كثيرا بتمارين الاستطالة للعضلات الرباعية الرؤوس، وأوتار باطن الركبة، وعضلات الورك والأرداف.
واليك بعض أنواع التمارين، وعليك إجراؤها للركبتين حتى لو كان لديك ركبة مريضة واحدة؛ ولا ينبغي استخدام الآلات الرياضية في الملاعب الرياضية التي يتم فيها الجلوس ورفع الرجل من حالة الانثناء إلى حالة الامتداد لدى تعريضها للمقاومة.
تمارين العضلات الرباعية الرؤوس الأيزومترية (المتساوية القياس): اجلس على الأرض، وأمِلْ ظهرك إلى الخلف على مرفقي الذراع، مع وضع الركبة المصابة ممتدة على الأرض، بينما تكون الأخرى منثنية. شدّ العضلات الرباعية الرؤوس للرجل الممتدة. واستمر لفترة خمس ثوان، واسترخِ. وكرر التمرين 10 إلى 20 مرة، ثلاث مرات في اليوم.
رفع الرجل لتقوية العضلات الرباعية الرؤوس: اجلس على الأرض وأمل ظهرك على مرفقي الذراع مع وضع الركبة المصابة ممتدة على الأرض، بينما تكون الأخرى منثنية، وشد العضلات الرباعية الرؤوس، وارفع الرجل مسافة قدم (30 سنتيمترا) إلى الأعلى. استمر لفترة خمس ثوان، ثم اخفض الرجل ببطء، وكرر التمرين 10 إلى 20 مرة، ثلاث مرات في اليوم.
رفع الرجل لتقوية عضلات الفخذ الخارجية: استلقِ على جنبك مع رفع الركبة المريضة إلى الأعلى. شدّ عضلات الفخذ، ثم ارفع الرجل للأعلى إلى زاوية 45 درجة، واستمر لفترة خمس ثوان، ثم اخفض الرجل ببطء، وكرر التمرين 10 إلى 20 مرة ثلاث مرات في اليوم. وبعد أن تصبح العضلات أقوى، أضف خمسة أرطال (2.25 كيلوغرام تقريبا) من الأثقال، إلى الكاحل.
رفع الرجل بتقوية عضلة الفخذ الداخلية: استلقِ على الجنب مع وضع الرجل المريضة في الأسفل، ثم ضع فوقها الرجل الجيدة. شدّ عضلات الفخذ للرجل السفلى، ثم ارفعها، واستمر في ذلك خمس ثوان، ثم اخفضها ببطء. كرر التمرين 10 إلى 20 مرة ثلاث مرات في اليوم، وأضف خمسة أرطال (2.25 كيلوغرام تقريبا) من الأثقال تدريجيا إلى الكاحل.
تمارين استطالة عضلات الأرداف: قم بثني ركبة الرجل التي تريد تنفيذ تمارين الاستطالة عليها، ثم ضعها فوق الرجل الأخرى، وأدر جذعك نحو الركبة المنثنية، ثم اضغط مرفق الذراع المعاكس ضد خارج الركبة المنثنية، وكرر التمرين 10 إلى 20 مرة ثلاث مرات في اليوم.
لفّ أوتار باطن الركبة لتقويتها: قف، وضع يديك بحيث يمكنك التوازن، وقم بثني الركبة المريضة وارفع قدم تلك الرجل ببطء خلفك، حتى يصبح الكعب في المستوى نفسه تقريبا مع الركبة. استمر لفترة ثانية واحدة، ثم اخفض القدم ببطء، وكرر التمرين من 10 إلى 15 مرة، ثلاث مرات في اليوم، وزد من قوة التمرين بإضافة أثقال إلى الكاحل. كما يمكن أيضا تقوية أوتار باطن الركبة بالمشي البطيء إلى الخلف على الدواسة (آلة المشي) الكهربائية.
تقوية عظام الحوض: قف على كرسي مع فرد الرجلين، واعصر الرجلين مع كرة، أو قبضة اليد توضع بين الركبتين، واستمر لفترة 5 إلى 10 ثوان، وكرر التمرين 5 إلى 10 مرات.
تمارين «الآيروبيك»: ينبغي أن تشكل أيضا جزءا من تمارين الشفاء من الآلام، وهناك عدة أشكال من هذه التمارين، مثل: المشي على سطح مستو أو على الدواسة الكهربائية بدرجة انحدار تقل عن 12 في المائة، واركب دراجة للتدريب مثبتة ذات مقاومة قليلة، مع ترتيب موضع الكرسي، بحيث تكون الركبة ممدودة تماما، أو مارس تمارين السباحة (خصوصا الحرة)، أو السباحة العميقة باستخدام الأحزمة.
المصادر : ميداوي